تخطى إلى المحتوى

الحملة الوطنية

للمرّة الأولى في لبنان، تقوم حملة وطنيّة، وتُبنى استراتيجيّة شاملة ومتواصلة من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، بدأت تثمر خطوات إيجابيّة.

القانون اللّبناني مفعمٌ بالإعدام، منذ تشريعه، ولشتـّى أنواع الجرائم؛ الإعدام، شنقاً وبالرصاص.

«القاتل يُقتل»: قانونٌ أُطلق عام 1959، خصوصاً بعد فتنة 1958، عقاباً لمجرمي الطائفية وعنفها… لكنّ العنف تمركز في المجتمع، والطائفية لم تخفّ، واستمرّ مرتكبوها الأصليون يعبثون بالبلاد، وصولاً إلى حرب الـ 15 سنة. وخلال هذه الحرب، تجرّأت السلطة الحاكمة على إعدام شخص واحد، ولو مصاب بانفصامٍ في الشخصية لإثبات هيبة الدولة، بعد أن احتلّتها الميليشيات وتلاشى سلطانها. ولكن، لا الناس شعروا فعلاً بأنّ الدولة عادت، ولا هي بالتأكيد. واستمرّ القتل والإعدام باسم الحرب وأركانها… وبعد الحرب، قيل أنّ الفلتان يُلزم الحكّام «بالضرب بيدٍ من حديد». وهكذا، تمّت استعادة قانون «القاتل يُقتل»، وعاد إلى التداول سنة 1994، ليحصد 14 شخصاً شنقاً وبالرصاص خلال 4 سنوات (1994-1998). ثمّ، وبفضل جهود الحملة الوطنية، تمّ إلغاء هذا القانون عام 2001، كما “نَعِمَ” لبنان بمرحلة تجميد للإعدام (moratorium)، دامت 6 سنوات – ولو أنه تجميد غير رسمي ونهائي- إلى أن خُرق التجميد، لأسباب عُرفت بأنها طائفية بشكل أساسي، لدى إعدام 3 أشخاص في مطلع العام 2004. ومنذ ذلك الحين وحتى آخر العام 2009، لم تنفَّذ أحكام إعدام.

ولكن… 
مئات حُكموا بالإعدام في لبنان، على مرّ السنين، وما زلنا ندور في حلقة مفرغة…
لا نعالج أسباب الجريمة، لا نعالج الفقر والفساد ونصرّ على إعدام مرتكبي السرقات الصغيرة. لا نعالج أسباب الكبت العاطفي والجهل الجنسي، ونُعدم بعض مرتكبي الانحرافات الجنسيّة. لا نعالج الثأر والذهنيّة العنيفة، ونطلب من الدولة أن تتحوّل هي إلى آخذة بالثأر. لا نحاكم المسؤولين عن الحروب، ونُعدم صغار المنتفعين منها. نجعل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في صلب مقدّمة الدستور اللبناني، ونستمرّ خارج الدول الـ 139 التي تخلّت عن عقوبة الإعدام. وهكذا دواليك… السنون والتجارب أعطتنا “المثل”، ولم يكن الإعدام هو الحلّ.

كثيرون في لبنان قالوا لا للإعدام على مرّ السنين، فردياً، ومن وقت إلى آخر. ورسميّون أفراد أعلنوا أيضاً، ولو من دون إلحاح أو قرار عمليّ، رفضهم هذه العقوبة. وجمعيات وأحزاب ومؤسسات معدودة كانت تعبّر، لدى طرح الموضوع، عن مناهضتها الإعدام، من دون أن يشكـّل قضية على جدول أعمالها ومشاريعها. أما عام 1997، فحمل تاريخاً آخر للبنان، لم يهدأ إلى اليوم…

في بداية 1997، بادر وليد صليبي وأوغاريت يونان، الكاتبان والمناضلان اللاعنفيان، إلى إطلاق مسيرة إلغاء الإعدام في لبنان، بمشاركة مناهضي هذه العقوبة من أفراد وهيئات، فوُلدت حملة وطنية مدنية ريادية في المنطقة العربية. نشاطات الحملة الوطنية أدارتها “حركة حقوق الناس” (صليبي ويونان مؤسّسا الحركة) بحيويّة ومثابرة كبيرتين، لغاية 2004، ونسّقت أعمالها مجموعة من الهيئات الريادية في مجالات حقوق الإنسان، إلى أن تكتـّلت فيها تدريجيّاً 64 هيئة مدنيّة وحزباً من كل لبنان، فشكّلت معاً قوّة مدنيّة نوعيّة وأولى في تاريخ لبنان تحت عنوان إلغاء الإعدام.

وقد تواصلت “الحملة” مع شركاء في العالم ونظمت نشاطات مشتركة معها وشاركت في مؤتمراتها العالمية؛ كما حفزت مجموعات عربية لإنشاء حملات ومبادرات مناهضة للإعدام كونها الحملة الأمّ في المنطقة العربية، وأقامت علاقة تضامن مع العديد منها.

الجزء الأكبر من أعمالها، قامت به “الحملة” بجهود تطوعية وتقديمات عينية متنوعة من أفراد وهيئات، لا سيّما الحركة التي أدارت النشاطات ونسّقتها. كما أن مؤلفي الكتب قدموا نتاجهم الفكري مجاناً دعماً للحملة ولهذه القضية الإنسانية المحقة…
إلى جانب ذلك، تشكر “الحملة” الجهات التي منحتها تغطية مالية لبعض نشاطاتها، كالمنشورات والمؤتمرات والموقع الألكتروني؛ ونذكر هنا جمعيات أوروبية لا سيّما من فرنسا وإلمانيا، والاتحاد الأوروبي، وبرامج حقوق الإنسان في وكالات التعاون الدولي في هولندا وإلمانيا.

إذن، مسيرة إلغاء الإعدام انطلقت في لبنان، ممهـّدةً لأجواء أكثر فأكثر مواتية، لا بدّ وأن تجعل هذا البلد العربي يتخلّى تدريجياً عن حكم الموت. حالياً، الأجواء تبدو أقرب نحو إعادة طرح القضية؛ والحملة مستمرة، وقد تقدّمت بمشروع قانون لإلغاء عقوبة الإعدام… لا عودة إلى الوراء. مسيرة الإلغاء مستمرة، طالما يستمر المناضلون المناهضون للإعدام في تحريكها بقوة. وبالتالي، الأمل موجود في نشر ثقافة لاعنفية وبناء بدائل قانونية واجتماعية تعزّز الاتجاه الرسمي والقانوني كماالشعبي نحو أنسنة العقوبات وتحريرها من ذهنية الثأر والعنف.

سيرة التأسيس والعمل
خطوات وإنجازات 1997-2009
الهيئات المشاركة وهيئة التنسيق
نشاطات مختارة
لائحة مصادر وخبراء محـلّيين
شركاء في المنطقة وفي العالم
للاتصال